لليوم الـ317 من معركة (طوفان الأقصى) لا تزالُ فصائلُ الجهاد والمقاومة الفلسطينية نبضَ وصورةَ الشعب الفلسطيني، والمعبِّرةَ عن حقوقه وحلمه بالتحرّر من الاحتلال، الذي حوّل الحقوق الأَسَاسية إلى أدوات قتل وحرب إبادة، لشعبٍ اختار الشهادة أَو الانتصار لحريته.
صمود الشعب والمقاومة في غزة وكل الساحات المساندة ما يقارب 11 شهرًا وضعت الاحتلال الصهيوني وداعميه الأمريكي والغربي في أزمة وجودية، وبات العدوّ المتخبط يستهدف الشعب الفلسطيني في كُـلّ أماكن تواجده؛ إذ لا توجد مناطقُ آمنةٌ أمام ترسانته العسكرية.
وفي تفاصيل المشهد لليوم الـ 317 من الطوفان؛ يحاولُ العدوّ الصهيوني بكافة الطرق إحباط المقاومة والشعب الفلسطيني، من خلال إخفاء خسائره والتقليل من حجمها، ولا يعترف بخسائره إلا بعد إصدار المقاومة بيانات موثقة بالفيديوهات لعملياتها.
ورغم تيار الضغط والمعارَضة داخل الكيان، وتواصُلِ الهجرات المعاكسة، التي أجبرت الخطوط الجوية الأمريكية إلى أن تلغيَ رسميًّا جميع رحلاتها من وإلى "إسرائيل" حتى إبريل 2025م، يمضي المجرمُ "نتنياهو" والمجتمعُ الصهيوني المتطرف في مواصلة حرب الإبادة على غزة.
الموقفُ ميدانيًّا في محور عمليات "خان يونس":
في الإطار، ذكر موقعُ "واللا" العبري، أن رئيس الأركان الإسرائيلي وجّه خلال اليومين الماضيين بتكثيف العمليات العسكرية في رفح، وأكّـد أن تدمير "لواء رفح" سيحسِّنُ ظروفَ المفاوضات لإطلاق سراح المختطفين، مُشيراً إلى أن "مقاتلي لواء رفح يستخدمون الصواريخ المضادة للدروع والعبوات الناسفة في مهاجمة القوات الإسرائيلية".
وفي إعلان للجيش الإسرائيلي قال فيه: إن "قوات الفرقة 98 تواصل تعميق العملية العسكرية في "خان يونس" و"دير البلح"، وقوات الفرقة 162 تواصل العمل في منطقة رفح فوق الأرض وتحتها".
وبالنظر إلى هذه التطورات، يحاول العدوّ التقدم بعمليات إشغال وتثبيت باستعدادات صغيرة ضد كتائب المقاومة في كامل شرقي "خان يونس"؛ لمنعها من مؤازرة "رفح" المتاخمة من الجنوب، حيثُ إن المنطقة الممتدة من "البيوك" شمال شرقي رفح المتصلة بجنوب شرقي "خان يونس" (قاع القرين - قيزان النجار – أم كميل)، وهي المنطقة التي يقصدها العدوّ فعلياً من فتحه الجبهة الممتدة من "جحر الديك" إلى "البريج والمغازي" (في محافظة دير البلح) وُصُـولاً إلى "القرارة – خزاعة – عبسان – الزنة" شرقي محافظة "خان يونس".
أما من الناحية الغربية فقد بدأ العدوُّ يتعرَّضُ لمنطقة "المواصي" ومحيطها؛ بهَدفِ تحضير الميدان لمعركة كبرى عنوانها السيطرة على كامل واجهة قطاع غزة البحري، وتعملُ تشكيلاتٌ من فرقة غزة على هذا الهدف.
وفي محور "البريج – المغازي – المصدر – دير البلح –الزوايدة"، تعتبرُه قيادةُ العدوّ محوراً إشغالياً وتثبيتياً لكتائب المقاومة شرق وغرب محافظة "دير البلح" والهدف الأول من المناورة الهجومية الصهيونية فيه كما يبدو هو منع كتائب المقاومة من مؤازرة رفح من جهة واشغالها عن أية عمليات إيذائية في منطقة مسؤولية الفرقة 98 من "جحر الديك إلى مدينة الزهراء".
وبحسب مراقبين، يبدو أن الهدف الرئيسي منه هو السيطرة على كامل الواجهة البحرية لمحافظة "دير البلح" لربطها بالواجهتين البحريتين لخان يونس ورفح؛ حتى يتسنى للعدو السيطرة على كامل الواجهة البحرية لقطاع غزة وعزله عن البحر.
ويرجح خبراء عسكريون أن التمركز العسكري الصهيوني، وتركز القتال في هذه المرحلة على الأحياء المتصلة شمالاً بالمنطقة الوسطى (الشجاعية – الدرج – بغداد – حي الصناعة – تل الهوى) ناتجٌ للتواجد العسكري المعادي الكبير في هذه المنطقة (من كيسوفيم وحتى البحر)، والتي تُعتبر من أكثر المناطق سخونةً في قطاع غزة بعد التراجع الملحوظ للقتال في رفح.
إلى ذلك، قالت مِنصةٌ إعلامية إسرائيلية: إن "شركة الطيران الإيطالية "ITA" ترجئ عودة رحلاتها إلى "إسرائيل" حتى 21 آب/ أغسطُس الحالي"، في إشارة إلى أن الوضع قد ينفجر في أية لحظة؛ إذ باتت كرةُ النار تتدحرجُ باتّجاه تصعيد على كُـلّ الجبهات.
تكتيكاتُ المقاومة وأنماطُ قتالها:
وفقاً لمعطيات الميدانية، فَــإنَّ فصائلَ الجهاد والمقاومة تنوع تكتيكاتها بتنوع أهدافها؛ إذ بات من المحتمل أن يكونَ لكل فصيل من فصائل المقاومة تكتيكاتِه ودورَه الخاص بخطط التصدي للعدو؛ الأمر الذي ينعكس على نوعية وتوزيع العمليات التي نفذتها فصائل المقاومة في كُـلّ منطقة.
وتلخص مجملُ البيانات والبلاغات العسكرية للمقاومة أشكال وأنماط قتالها، وتتميز عمليات المقاومة في بعض المحاور بالقتال المتلاحم من مسافات قريبة، خَاصَّة في الأحياء السكنية والمناطق الزراعية؛ مما يعرقل باستمرار تقدم جيش العدوّ.
كما استخدمت المقاومة بكثافة العُبوات الناسفة لاستهداف الآليات العسكرية الإسرائيلية، وإلحاق خسائرَ فادحة بها، وأطلقت عشرات الصواريخ وقذائف الهاون تجاه مواقعَ عسكرية صهيونية ومستوطنات محيطة بغزة؛ ما أَدَّى إلى سقوط قتلى وجرحى بشكلٍ يومي في صفوف جيش العدوّ، ولعبت فِرَقُ القنص دوراً مهماً في استهداف جنود العدوّ وإعاقة حركة المشاة، وتكبيدهم خسائرَ بشرية.
المشهدُ العام للموقف الميداني داخل الكيان:
في السياق، نقلت هيئةُ البث الإسرائيلية عن مسؤولين، أن "الخلافاتِ بشأن محور فيلاديلفيا يمكنُ حَلُّها، وهناك دعمٌ للمقترح الأمريكي"، مشيرةً إلى أن "خلافات عميقة بين الأطراف خُصُوصاً ما يتعلق بانسحاب الجيش من قطاع غزة".
وحول المفاوضات أشَارَت الهيئة إلى أن "المفاوضات تتقدم خطوةً ونتنياهو يجري نقاشًا قبل مغادرة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة"، مضيفةً، أن "وزير الخارجية الأمريكي يبدأ اليوم زيارة لإسرائيل هي التاسعة له منذ بدء الحرب على غزة، ومسؤولون عسكريون يحذرون من تزايد اعتداءات يهود متطرفين في الضفة الغربية".
في سياق آخر، قالت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية عن جيش الكيان: "اشتباه بإطلاق حزب الله مسيرة استطلاع لتصوير منطقة مقر إقامة نتنياهو الخاص في قيساريا"، مشيرةً إلى أنه "تم إرسالُ طائرات مقاتلة إلى المنطقة لكنها لم تتمكّن من تحديد موقع المسيرة".
بدورها، نقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن وزير الطاقة الصهيوني "إيلي كوهين" القولَ: "لن نغادر غزة حتى يتم إطلاق سراح آخر المختطفين، وستكون لنا سيطرةٌ أمنية على قطاع غزة وقدرة على الدخول في أي وقت وتنفيذ عمليات، ويجب أن يبقى محور فيلادلفيا تحت السيطرة الإسرائيلية".
يأتي ذلك في الوقت الذي أصدر مجلس الوزراء "الإسرائيلي" تعليماتِه للجيش بزيادة حدة القتال في غزةَ لتحسين موقف إسرائيل في المحادثات، وأشارت وسائل الإعلام العبرية إلى أن ما يسمى "الجهاز الأمني الإسرائيلي يصر على الاحتفاظ بإمْكَانية العودة لقتال حماس وعدم وقف الحرب".
ولفتت القناة 12 الإسرائيلية، إلى تعطُّلِ أغلبِ المواقع الحكومية الإلكترونية التي تقدِّمُ خدمات للإسرائيليين في الساعة الماضية، مشيرةً أن "من بين المواقع التي تعطَّلت موقع رئيس الحكومة ووزارة الداخلية وسلطة الضرائب ومواقع أُخرى".
جرائم الاحتلال في الـ24 الساعة الماضية:
في السياق، لفتت وزارة الصحة بغزة، إلى أن الاحتلال الصهيوني ارتكب مجزرتين وصل منهما إلى المستشفيات 25 شهيدًا و72 مصابًا خلال 24 ساعة، وارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 40.099 شهيدًا و92.609 مصابين منذ 7 أُكتوبر الماضي.
بدوره؛ قال الدفاع المدني في قطاع غزة: "رصدنا العديد من التحديات أمام منظمات العمل الإنساني الدولية، والاحتلال لا يسمح لطواقمنا بالاستجابة لنداءات الاستغاثة، استشهد 82 من كوادرنا بنيران الاحتلال، ومقراتنا ومركباتنا تعرضت للقصف المدفعي والجوي الإسرائيلي، الذي يتعمد إعاقة عملنا واستهداف طواقمنا".
وأشَارَ إلى أن "10 آلاف شهيد لا يزالون تحت الأنقاض، وأن لاحتلال يرفُضُ عمليات التنسيق لإدخَال طواقمنا إلى المناطق المقصوفة"، مؤكّـداً، "رصدنا تبخُّرَ جثامين 1760 شهيدًا، واختفاء جثامين 2210 شهداء من مقابر متفرقة في القطاع".
ولفت الدفاع المدني بغزة أن "الاحتلالَ يحاصر الفلسطينيين في منطقة تقل مساحتها عن 11 % من مساحة القطاع، وطالب "بتوفير احتياجاتنا الأَسَاسية من الوقود"، و"توفير قطع الغيار لمركباتنا ومعداتنا لاستمرار عملنا"، وناشد "الصليب الأحمر القيام بدوره"، و"الأمم المتحدة التدخل لتوفير احتياجاتنا من الوقود والمعدات وقطع الغيار".
إلى ذلك، أكّـد مدير مستشفى كمال عدوان، أن "المستشفى سيتوقف خلال 24 ساعة؛ بسَببِ نفادِ الوقود وعدم توفر المستلزمات الطبية"، وكانت هيئةُ شؤون الأسرى والمحرّرين الفلسطينيين، قد أكّـدت أن "الاحتلالَ اعتقل أكثرَ من 10100 فلسطيني من الضفة والقدس منذ 7 أُكتوبر".
عملياتُ اليوم الـ317 من الطوفان:
قالت كتائبُ القسام: "فجَّرنا عبوتين بقوات العدوّ وأوقعنا عناصرَها بين قتيل وجريح غرب مدينة حمد شمال خان يونس، وفجرنا عبوة برميلية وأُخرى صدمية بقواتِ العدوّ وأوقعنا عناصرَها بين قتيل وجريح غرب مدينة حمد شمال خان يونس"، واستهدفنا قوة صهيونية راجلة من 10 جنود بقذيفة قرب الكلية الجامعية في حي تل الهوى جنوب غزة".
بدورها سرايا القدس قالت في بياناتٍ متفرقةٍ: "قصفنا موقع مارس العسكري برشقة صاروخية، كما قصفنا بصواريخ 107 مقر قيادة وسيطرة تابعا لجيش العدوّ المتوغل شمال شرق خان يونس، وقصفنا بوابلٍ من قذائف الهاون تجمعًا لآليات وجنود العدوّ شمال مدينة خان يونس، وبوابل من قذائف الهاون عيار 60 قصفنا تجمعًا لآليات وجنود العدوّ شمال مدينة حمد غربي خان يونس".
من جهته، أقرّ "جيشُ الاحتلال الإسرائيلي" بمقتل قائد سرية وجندي، في معارك قطاع غزّة، في ظل استمرار المقاومة في التصدي للاحتلال، في محاور القتال كافّة.
وقال: إنّ "قائد سرية في الإسناد اللوجستي قُتل، نتيجة انفجار عبوة ناسفة في وسط قطاع غزّة"، مُضيفاً أنّ جندياً في الاحتياط قُتل أَيْـضاً خلال المعارك في قطاع غزة.
وبهذا، يرتفع عدد قتلى "جيش الاحتلال" في معارك قطاع غزة إلى 692 ضابطاً وجندياً، منذ بدءِ (طوفان الأقصى)، منهم 332 منذ بدء العملية البرية في القطاع، بالإضافة إلى جرحِ نحو أكثرَ من 10 آلاف آخرين، بحسب ما نشرته وسائلُ إعلام إسرائيلية.